اثار المعاهدات

Contents
  1. أثر المعاهدات الدولية
  2. المبادئ الأساسية للقانون الدولي
  3. الفرع الاول : النطاق الشخصي للمعاهدات
  4. الفرع الثاني : النطاق المكاني للمعاهدات
  5. الفرع الثالث : تطبيق المعاهدات الدولية من حيث الزمان

  6. اولا : عدم رجعية المعاهدات الدولية :
  7. ثانيا : التطبيق المؤقت للمعاهدات الدولية
  8. الفرع الرابع : تطبيق المعاهدات الدولية من طرف القاضي الوطني

  9. اولا : الرقابة على توفير شروط المعاهدة

  10. 1 - الرقابة الشكلية :

  11. 2 - الرقابة الموضوعية
  12. ثانيا : مبدأ سمو المعاهدات
  13. ثالثا : مكانة المعاهدات الدولية أمام القاضي الجزائري
  14. المطلب الثالث : تفسير المعاهدة
  15. الفرع الاول : الجهة المختصة بتفسير المعاهدة
  16. اولا: التفسير الدولي للمعاهدة

  17. 1 - التفسير الحكومي (التفسير الرسيمي)
  18. ثانيا : التفسير الداخلي للمعاهدة
  19. الفرع الثاني : طرق ومبادئ تفسير المعاهدة
  20. أولا :الطريق الشخصية
  21. ثانيا: طريقة المعالجة النصية
  22. ثالثا: الطريقة الموضوعية
  23. رابعا: تفسير المعاهدات وفق اتفاقية فينا

أثر المعاهدات الدولية


القاعدة العامة هي ان المعاهدات الدولية لا تسري الا بين أطرافها ولا تترتب أثارها الا في مواجهتهم ، سواء كانت هده الآثار حقوقا او التزامات ، (40) لدا فهي تفرض إطارا للتصرفات وقواعد السلوك لا تتجاوزه الدول المتعاقدة فيما بينها ،فالمعاهدة تكون ملزمة لجميع الدول الأعضاء التي عليها واجب احترام العهود والالتزامات التي تتقيد بها وتنفيذها بصورة عادلة وبنية حسنة . (41)


ومن هنا نجد أن أثار المعاهد تكون ملزمة لمن يقبل بها.

وهي سامية على على سائر التشريعات الداخلية ، هدا ما أكدته اتفاقية فيينا بسمو المعاهدة ،وهكذا فان احترام الدول للمعاهدات التي تبرمها ، هو من المبادئ الأساسية للقانون الدولي. (42)

المبادئ الأساسية للقانون الدولي

الفرع الاول : النطاق الشخصي للمعاهدات


تنتج المعاهدة أثارها بين أطرافها ولا تنتقل هده الآثار الى الغير ،بحيث لا تمنحهم حقوقا ولا تلزمهم بالتزامات الا برضاهم وهدا ما دعت اليه اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لسنة 1969,1986 حيث نصت المادة 26« كل معاهدة نافدة تكون ملزمة الأطراف وعليهم تنفيذها بحسن نية »


انطلاقا من هدا النص على الأطراف تطبيق المعاهدة بحسن نية وعدم الاحتجاج بعدم تطبيقها بحجة القانون الوطني الدي قد يحول دون دلك. (43)


حيث كان الراي السائد سابقا ان قواعد القانون الدولي لا تخلق كمبدأ عام للحقوق والالتزامات الا في العلاقة فيما بين الدول وانها لا تترتب اثارا مباشرة في النطاق القانوني الداخلي .


ولا شك ان هدا الرأي كان صائبا حينما كانت الشخص الوحيد للقانون الدولي ، غير ان الفرد أصبح يظهر مؤخرا بشكل تدريجي كشخص مباشر للقانون الدولي .


ومن الطبيعي ان تطبيق المعاهدات التي من هدا القبيل ادا كانت ذاتية التفنيد مباشرة في النظام الداخلي ويمكن للأفراد الاحتجاج بها أمام القاضي الوطني .


ولكن القضاء الوطني يبدو مترددا في الاخد بوجهة النظم هده ،ولا يعتمد الأمر على الموقف الدي تتخذه الدولة من مسالة العلاقة بين القانون الداخلي والقانون الدولي . (44)

الفرع الثاني : النطاق المكاني للمعاهدات


ان المقرر بهدا الشأن ،هي ان المعاهدة ادا أصبحت نافدة فانها تصبح واجبة التطبيق في كافة الأقاليم الخاضعة لسيادة أي من الأطراف المتعاقدة .

(45) أي ان المعاهدة تسري في نطاق الدولة التي تبرمها ،و قد أكدت اتفاقية فيينا على هدا المبدأ في المادة 29 بنصها
« مالم يظهر من المعاهدة قصد مغاير ويثبت دلك بطرقة أخرى ،تعتبر المعاهدة ملزمة لكل طرف فيها بالنسبة لكافة إقليمه.

» ومن المعلوم ان الأقاليم يشمل الإقليم اليابس والمياه الإقليمية وما يعلو كل منهما من طبقات الجو . (46)


فالمعاهدة قد تطبق بموجب نص صريح او ضمني على المراكز والأوضاع القانونية ففي جزء معين او في منطقة معينة من الدولة وهي قد تستثني بعض أراضي الدولة في مجال تطبيقها .


وتنطبق المعاهدة عرفا على كل مستعمرات الدول الأطراف وأقاليم ما وراء البحار التابعة لها حالة معاهدات السلام غير ان هده المستعمرات والأقاليم قد تستبعد من مجال تطبيق المعاهدة .


ومما هو ملاحظ ان مجال تطبيق المعاهدة قد يتجاوز إقليم الدولة المتعاقدة ليشمل أقاليم لا تخضع لسيادة هده الدولة بل يرتبط بها برابطة جمركية (فرنسا ، إمارة موناكو ، سويسرا) ، كما ان المعاهدات تمتد الى مناطق بحرية خارج نطاق إقليم الدولة ( الجرف القاري والمنطقة الاقتصادية الخالصة ) (47)

الفرع الثالث : تطبيق المعاهدات الدولية من حيث الزمان


اولا : عدم رجعية المعاهدات الدولية :


من المعلوم ان القاعدة العامة للقانون الدولي العام تبدا في السريان مند اللحظة التي تتوافر فيها الشروط الأساسية
وتبقى هده القاعدة سارية المفعول حتى يتم إلغاؤها صراحة في اتفاق دولي او ضمنيا نتيجة لنشوء قاعدة متعارضة معها ادا نشأت القاعدة القانونية الدولية عن معاهدة فتطبيقها يبدأ من الوقت الدي حددته الدول بسريانها او من الوقت الدي وافقت فيه الدول عليها . (48)


غير ان مبدأ عدم الرجعية في النظام الدولي ليس مبدأ مطلقا ،فلا شيء يمنع طبقا لمبدأ سلطان الإرادة من اتفاق اطراف المعاهدة صراحة اة ضمنيا على انسحاب أثارها على الماضي .فالقاعدة الاتفاقية تضعها الدول التي لها ان تمد اثرها الى الوقائع والتصرفات السابقة على دخولها في النفاد .


وقد تضمنت المادة 28 من اتفاقية فيينا على مبدأ عدم رجعية المعاهدات ما لم يظهر في المعاهدة قصد مغاير او يثبت خلاف دلك بطريقة أخرى ، لا تلزم نصوص المعاهدة طرفا فيها بشان أي تصرف او واقعة تمت او أية حالة انتهى وجودها قبل تاريخ دخول المعاهدة حيز التنفيذ بالنسبة لدلك الطرف . (49)


وبمراجعة هده المادة يلاحظ انه على الرغم من أهمية مبدأ عدم الرجعية اثر المعاهدات الا انه لا يشكل قاعدة امرة من قواعد القانون الدولي كما هو الحال في المادة 53 والمادة 64 من اتفاقية فيينا وإنما هي قاعدة مكملة يجوز الخروج عليها بالاتفاق الصريح ،وهكذا فان مبدأ سلطان الإرادة يلعب دورا هاما ،حيث يعتمد على رغبة الأطراف فيها اذا كانوا يريدون مد اثر المعاهدة الى الماضي اولا .


ومن الأمثلة على مبدأ عدم رجعية اثر المعاهدات ،المواطن اليوناني الدي ابرم عدة عقود مع الحكومة البريطانية عام 1923-1922 وفي عام 1926 أبرمت اليونان وبريطانيا اتفاقية تجارية وملاحية نصت المادة 29 منها على عرض أي نزاع على محكمة العدل الدولية كما أكدت المادة 32 ان المعاهدة تدخل حيز النفاد بعد التصديق عليها .


وإسنادا لدلك قامت اليونان برفع دعوى أمام محكمة العدل الدولية عام1923-1922 للمطالبة بالتعويض عن الأضرار التي أصابت مواطنيها أنداك بسبب تدخل السلطات البريطانية وإلغاءها للعقود من جانب واحد .


رفضت محكمة العدل الدولية التجاوب مع الحكومة اليونانية ، هدا لان قبولها الدعوى يعني منح الاثر الرجعي للمادة29 من معاهدة 1926 ،كما ان المعاهدة لا تتضمن أي شرط لتطبيقها باثر رجعي . (50)

ثانيا : التطبيق المؤقت للمعاهدات الدولية


ان المقصود بالتطبيق المؤقت للمعاهدات الدولية هو دخولها حيز النفاد كليا او جزئيا بين أطرافها خلال فترة معينة على سبيل الاتيار والتجربة فادا وجد الأطراف ان المعاهدة تخدم مصالحهم قرروا التصديق عليها والالتزام بها ،وان ظهر لهم عدم فائدتها رفضوا التصديق عليها واعتبروا كان لم يكن . (51)


وهدا ما نصت عليه المادة 25 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1986,1969 كما يلي :


1 – تنفد المعاهدة او جزء منها بصفة مؤقتة لحين دخولها دور النفاد في الحالات التالية :
1-1 ادا نصت المعاهدة داتها على دلك .


2-1 ادا اتفقت الدولة المتفاوضة على دلك بطرقة أخرى .


-2 ما لم تنص المعاهدة او اتفقت الدول المتفاوضة على خلاف دلك سوف ينتهي النفاد المؤقت لمعاهدة او جزء منها بالنسبة للدولة ادا بلغت هده الدولة والدول الأخرى التي نفدت المعاهدة فيما بينهما بصفة مؤقتة عن نيتها في الا تصبح طرفا في هده المعاهدة »


فان تثبت بان المعاهدة تحقق مصالح الأطراف تمت المصادقة النهائية عليها فتصبح نافدة بصفة كلية ودائمة ،أما ادا ثبت العكس تم التخلي عن هده المعاهدة واعتبارها كأنها لم تكن ،على شرط عدم إلحاق الضرر بالدول الغير الأطراف في المعاهدة . (52)

الفرع الرابع : تطبيق المعاهدات الدولية من طرف القاضي الوطني


ادا استكملت واستوفت المعاهدة الدولية مراحل تكوينها في القانون الدولي وتوفرت فيها الشروط اللازمة لاعتبارها مصدر القانون الداخلي فهي تسري في مواجهة جميع الأطراف ،وتلزم المحاكم الوطنية بتطبيق أحكامها وبنفس المستوى الدي تلتزم فيه بتطبيق أحكام القانون الداخلي وبالتالي فيجب على القاضي الوطني تطبيق احكام تلك المعاهدة بأثر فوري مثل القانون الداخلي وليس بأثر رجعي
وتطبيق القاضي للمعاهدة قد لا يثير مشاكل ادا كانت نصوصها لا تتعارض مع القوانين الداخلية ،وادا كان هناك تعارض يجب على القاضي ان يفرض النزاع . (53)


اولا : الرقابة على توفير شروط المعاهدة


قبل ان يشرع القاضي في تطبيق أحكام معاهدة دولية ما يجب عليه ان يتأكد من توفر الشروط التي نص عليها الدستور الوطني ،ورقابة القضاء الوطني قد تكون شكلية وقد تكون موضوعية .


1 – الرقابة الشكلية :


وتقتصر على التأكد من وجود الإجراءات اللازمة لكي تكون المعاهدة الدولية في قوة القانون ،أي تم التصديق عليها ونشرها ،وادا تأكد القاضي الوطني من صحة نشر المعاهدة في الجريدة الرسمية دون غيرها من وسائل الإعلام ،اما بالنسبة للرقابة على صحة او مشروعية التصديق يجب التأكد من ان المعاهدة تم المصادقة عليها من طرف رئيس الجمهورية مع مراجعة البرلمان
إضافة الى ان التصديق لا يعتبر مجرد اجراء دولي يعبر عن إرادة الدولة والالتزام بأحكام المعاهدة هو شرط هام للعمل بها كقانون داخلي طبقا لأحكام الدستور


2 – الرقابة الموضوعية


فهي تتجاوز إبرام المعاهدة وشكلها الى مضمون المعاهدة ومدى توافقه او تعارضه مع الدستور وتتوقف هده الرقابة على مدى اعتراف النظام الداخلي لمرتبة المعاهدة بالنسبة للدستور ،هل هي اعلى منه مرتبة ام أدنى منه وهدا يختلف من دولة الى أخرى .(54)

ثانيا : مبدأ سمو المعاهدات


اما المعاهدات التي تقوم الدولة بايرامها في مجال علاقاتها الدولية تصبح جزء من قانونها الداخلي بحيث يتعين على جميع سلطات الدولة ان تطبق المعاهدة . كما يختلف التعامل مع المعاهدات الدولية على حسب اخد الدولة بمبدأ وحدة القانون او بمبدأ ثنائية القانون
فبالنسبة لسمو المعاهدات الدولية على الدستور فان العمل بهدا المبدأ قليل ومن الدساتير التي تعتمد هده الطريقة الدستور الهولندي الصادر 1922 و المعدل بسنتي 1953 و 1956 . (55)

ثالثا : مكانة المعاهدات الدولية أمام القاضي الجزائري


بالنسبة للنظام الجزائري فان مسالة مكانة المعاهدات الدولية في القانون الداخلي وكيفية تعامل القاضي معه فلقد عرفت تطورا عبر الدساتير انطلاقا من دستور 1963 الذي لم يتضمن أحكاما تتعلق بمكانة المعاهدات ضمن القانون الداخلي
اما دستور1976 فقد أعطى للمعاهدات الدولية نفس المكانة التي يتمتع بها القانون العادي اد نصت المادة 159 منه على ان « المعاهدات الدولية التي صادق عليها رئيس الجمهورية طبقا للأحكام النصوص عليها في الدستور تكتسب قوة الدستور »
اما دستور 1989 فجاء في المادة 123 بتكريس مبدأ السمو للمعاهدات الدولية على القانون الداخلي ونص « المعاهدات الـــتي يصادق عليها رئــــيس الجمــهورية حسب الشروط المنصوص عليها في الدستور تسمو على القانون »(56)

المطلب الثالث : تفسير المعاهدة


يعتبر موضوع تفسير المعاهدة كثيرا ما يطرح مشاكل بشان تحديد المعنى المقصود بمصطلح او تعبير او نص (بند) مادة من مواد المعاهدة (57)وما يتطلبه من وضوح او تفسير او التعليق ودلك لقصر عبارة النص عن الدلالة على ما قصدته منه بالفعل الدول المتعاقدة او لغموضه او لتناقضه الظاهر مع نص اخر .

فتكون مسالة تفسير المعاهدة بازالة هدا اللبس والابهام ودلك عن طريق هيئة (الجهاز) المختصة بتفسير المعاهدة وتتم هده الدراسة استنادا لطرق ومبادئ لتفسير المعاهدة . (58)

الفرع الاول : الجهة المختصة بتفسير المعاهدة


يتم تفسير المعاهدة بطريق دولي هدا ما يسمى بالتفسير الدولي للمعاهدة ،واما بطريق داخلي ما يطلق عليه بالتفسير الداخلي للمعاهدة .

اولا: التفسير الدولي للمعاهدة


ويتم هدا التفسير بعدة وسائل المتمثلة في التمثيل الحكومي الدولي والتفسير القضائي الدولي .


1 – التفسير الحكومي (التفسير الرسيمي)


ويتم هدا التفسير بالاتفاق بين الدول الأطراف في المعاهدة والدين يعتبرون اكثر مقدرة وتمكن من غيرها على تفسير نصوص تلك المعاهدة وكون هدا التفسير الحكومي للمعاهدة تفسيرا صريحا وقد يكون تفسيرا ضمنيا
فالتفسير الصريح يطلق عليه بالتفسير ألاتفاقي او الدبلوماسي ويأتي بأشكال عديدة فهو من جهة قديم بمقتضى نصوص تفسيرية تدرج ضمن أحكام المعاهدة بمعنى ان تشتمل المعاهدة على بعض النصوص التي تخصص لتفسير او إيضاح مدلول المصطلحات الواردة في المعاهدة . (59)
مثلا اتفاقية فيينا بشان قانون المعاهدات التي خصصت تعريفات قانونية لمختلف المصطلحات الواردة في الاتفاقية.(60)


ومن جهة ثانية يتم التفسير بشكل معاصر للمعاهدة عن طريق وضع ملاحق تضاف الى المعاهدة . (61)


ومن جهة ثالثة ياخد هدا التفسير شكل اتفاقيات تفسيرية سواء كانت معاصرة لاحقة على المعاهدة وتاخد هده الاتفاقيات التفسيرية صورة بسيطة يكون نتيجة تشاور في اجتماع خاص يحرر فيه برو توكول يلحق بالمعاهدة .


وكذلك يتم عن طريق تبادل البرقيات والمذكرات الرسمية وأيضا يتم بتصريحات متبادلة من احد الدول الأطراف يتم قبوله صراحة من جانب الدول الأخرى
اما التفسير الضمني ، فهو دلك التفسير الذي ينشا عن تنفيذ الإطراف المتعاقدة،(62) لأحكام المعاهدة بطريقة متماثلة ومنسجمة دون ان يعلن دلك بوثيقة رسمية . (63)


2 – التفسير القضائي الدولي للمعاهدة


ان عملية التفسير هي عملية قانونية نموذجية يمكن الفصل فيها عن طريق هيئة تحكمية او قضائية دولية .فالتفسير القضائي الدولي للمعاهدة يمكن ان يكون إلزاميا او اختياريا ، فهو من جهة يعتبر التفسير القضائي إلزاميا اد تم الاتفاق مسبقا على ضرورة عرض النزاع المتوقع حصوله مستقبلا بشان تفسير المعاهدة فادا لم تضع الدول المتعاقدة تفسيرا خاصا لبعض نصوص المعاهدة المبرمة بينها فعليها ان تراعي عند تنفيد قواعد العدالة وحسن النية وان تراجع كلما شب غموض في امر ما الى روح المعاهدة والقصد الحقيقي منها ان لم تسعفها حرفية النص وعليه ادا قام بينها خلاف بشان تفسير نص ما ان تعمل بقدر المستطاع على تسويته ولا تتركه يستفحل ويسيء الى العلاقات الدولية وفيما بينها وتحقيقا لهدا الغرض تقوم الدول المتعاقدة بعرض كل نزاع قد ينشا بينها خاصة عند تنفيذ المعاهدة او بتفسيراحد نصوصهاعلى التحكيم اوالقضاء الدولي اوعلى اية هيئة أخرى تعين في دات المعاهدة.


ثم قد يكون تفسير المعاهدة اختياريا عند اتفاق الأطراف المعنية – هدا بعد حصول – على عرض دلك النزاع على القضاء الدولي بنوعيه حول ما تثيره أحيانا تفسيرات المعاهدات العامة من خلافات قد تهدد السلم الدولي وما تقتضيه المصلحة العامة من ضرورة معالجة هده الخلافات قبل ان تتسع رقعتها وتشتد خطورتها
ولقد أشارت إليها في عصبة الامم في المادة 13 وفرض على الدول ان تلتمس تسويتها بالوسائل الدبلوماسية فان لم تفلح عرضت الأمر على التحكيم او القضاء الدولي . (64)

ثانيا : التفسير الداخلي للمعاهدة


اختلف الفقهاء في مدى اختصاص القضاة الوطني في تفسير المعاهدة ودلك من خلال اختلاف الاتجاهات المعبر عن التفسير الداخلي للمعاهدة حيث ان يأتي الاتجاه الأول برفضه لاختصاص المحاكم الوطنية بنوعيها القضائي والإداري لقيامها بعملية تفسير المعاهدة وليس من حقها فهو من عمل اختصاص الحكومة (السلطة التنفيذية)، هدا طبقا لمبدأ الفصل بين السلطات ،هدا ما عبر عنه مجلس الدولة الفرنسي ويرى انه في حال ما ادا عرضت مشكلة تفسير معاهدة أمام القضاء الداخلي فعلى القاضي ان لا يفصل في النزاع المعروض عليه حتى يصله تفسير المعاهدة من طرف حكومته (وزارة الشؤون الخارجية)بمعنى ان حلها المسبق ضروري للفصل في النزاع ما يعرف بحل المسالة الأولية
ويأتي الاتجاه الثاني ما عملت به محكمة النقض الفرنسية التي يميز بين المسائل التي تثيرها المعاهدات حيث ان جهاز الحكومة يختص بتفسير المعاهدات المرتبطة بالنظام الدولي العام (معاهدات الحماية ،اتفاقيات الصلح ،الاتفاقيات القنصلية ،معاهدات تسليم المجرمين….) في المقابل تختص المحاكم الوطنية بنوعيها بتفسير باقي المعاهدات والتي لا ترتبط بالنظام الدولي العام .


ويرى الاتجاه الثالث ان القضاء الوطني يختص بتفسير المعاهدة وهي عند التطبيق بمثابة القانون كما يراعي القاضي الوطني المبادئ الدولية عند تفسير المعاهدة،هدا انطلاقا من مبدأ سمو القانون الدولي العام على القانون الداخلي هدا ما اقرته معظم تشريعات دول العالم و هدا الاتجاه الأخير الراجح الذي تاخد به المحاكم الوطنية بالعديد من الدول . (65)

الفرع الثاني : طرق ومبادئ تفسير المعاهدة


رغم عدم وجود قواعد مستقرة مسلم بها في شأن تقسيم المعاهدة فانه يمكن القول إن هناك ثلاث طرق أساسية لتفسير المعاهدة

أولا :الطريق الشخصية


تقوم هذه الطريقة على ان الهدف الرئيسي من تفسير المعاهدة عن نية أطراف المعاهدة وما يقصد كل منهما في نص المعاهدة أي الكشف عن المعنى الذي ينبغي إعطاءه للنص وفقا لنية أطراف المعاهدة وذلك عن طريق العودة للأعمال التحضيرية( المشاريع الدولية) للمعاهدة او من خلال التصرفات اللاحقة للأطراف أي بعدإبرام المعاهدة

ثانيا: طريقة المعالجة النصية


وتبدي هذه الطريقة الأهمية الكبرى على النص نفسه والذي يعتبر نقطة انطلاق في البحث عن مقصودا ته -مدلولاته- ثم إن هذه الطريقة وبطريقة عملها فهي الأخرى لتتجاهل كليا ميالة نية الأطراف ،حيث إن التفسير يبدأ بدراسة عميقة للنص المراد تفسيره نظرا لان النص هو التعبير عن نية وإرادة الأطراف فيكون بذلك إن إيضاح لمعني النص فهو بالحقيقة إيضاح لإرادة ونية الأطراف المعنية
وإذا لم يكن النص واضحا فانه لا يمكن الرجوع لهذه الحالة لمصادر تفسيرية أخرى

ثالثا: الطريقة الموضوعية


هذه الطريقة تستخدم بصفة خاصة في في تفسير الاتفاقيات الدولية الشارعة.(ذات الطابع الاجتماعي أو الإنساني) وأيضا في تفسير المواثيق والنظم التأسيسية للمنظمات الدولية
وهذه الطريقة متميزة بتجاهلها لنية الأطراف وتقوم هذه الطريقة على أساس تفسير المعاهدة على نحو يتفق أو يتماشى مع موضوعها وهدفها وتسمى هذه الطريقة التفسيرية بـ« التفسير الوظيفي للمعاهدات » (66)

رابعا: تفسير المعاهدات وفق اتفاقية فينا


جاء في اتفاقية فيانا في القسم الثالث من الباب الثالث في المواد 33-31 للقواعد الخاصة في تفسير المعاهدات وهي لا تخرج في جوهرها عما سلف الذكر فيما تقدم .
المادة 31: تضع القاعدة العامة في التفسير كالأتي:


1- تفسير بحسن نية طبقا للمعنى العادي لألفاظ المعاهدة في الإطارالخاص بها في ضوء موضوعها والغرض منها
2- الإطار الخاص بالمعاهدة لغرض التفسير يشمل إلى جانب نص المعاهدة بما في ذلك الديباجة والملحقات ما يلي:
1-2 أي اتفاق يتعلق بالمعاهدة ويكون قد عقد بين الأطراف جميعا بمناسبة عقد هذه المعاهدة .
2-2 اي وثيقة صدرت طرف أو أكثر بمناسبة عقد المعاهدة وقبلتها الأطراف الأخرى كوثيقة لها صلة بالمعاهدة:
3-يؤخذ في الاعتبار إلى جانب الإطار الخاص بالمعاهدة: (67)
1-3 اي اتفاق لاحق بين الأطراف بشان تفسير المعاهدة أو تطبيق أحكامها
2-3 اي مسلك لاحق في تطبيق المعاهدة يتفق عليه الأطراف بشان تقسيمها
3-3 أي قواعد في القانون الدولي لها صلة بالموضوع يمكن تطبيقها على علاقة بين الأطراف
4-يعطى معنى خاص للفظ معين إذا ثبت أن نية الأطراف قد اتجهت إلى ذلك و تنص المادة 32-على الوسائل المكملة للتفسير كالأتي:


يجوز الالتجاء إلى وسائل مكملة في التفسير بما في ذلك الأعمال التحضيرية للمعاهدة والظروف والملابسات لعقدها وذلك لتأكيد المعنى الناتج عن تطبيق المادة31أو لتحديد المعنى إذا هدى التفسير وفقا للمادة 31 إلى

:
1-بقاء المعنى غامضا أو غير واضح
2-أو أدى إلى نتيجة غير منطقية أو غير معقولة
أما المادة33-فتناولت تفسيرات المعاهدات المعتمدة بلغتين أو أكثر وتقرر:
1-إذا اعتمدت المعاهدة بلغتين أو أكثر يكون لكل نص من نصوصها نفس الحجية ما لم تنص المعاهدات أو يتفق الأطراف على أنه عند الاختلاف تكون الغلبة لنص معين
2-نص المعاهدة الذي يصاغ بلغة غير إحدى اللغات التي اعتمدتها لا يكون له نفس الحجية إلا إذا نصت المعاهدة أو اتفق الأطراف على ذلك
3-يفترض أن لإلغاء المعاهدة نفس المعنى في كل نص من نصوصها المعتمدة
4- عندما تكشف المقارن بين النصوص على اختلاف في المعنى لم يزله بتطبيق المادتين 31-32 يؤخذ بالمعنى الذي يتفق مع موضوع المعاهدة والغرض منها توفيق بقدر الإمكان بين النصوص المختلفة فيما عدا حالة ما تكون لأحد النصوص الغلبة وفقا للفقرة الأولى. (68)

مراجع

د.محمد يوسف علوان، القانون الدولي العام ،المقدمة والمصادر،ج1،دار النشر،2007

جقوق الانسان

وكيبيديا

الامم المتحدة

مجموعة معاهدات الأمم المتحدة

Published by

admin

نافذة إخبارية الكترونية عربية تقدم للقارئ الكريم مادة إخبارية متنوعة, وتهتم بشكل رئيسي بالأحداث المحلية اليومية اليمنية .. بالإضافة للأخبار العربية والدولية..