بتعيين الجنرال الأحمر .. السعودية تقلب الطاولة في اليمن وتوجه رسائل “حزم” داخلية وخارجية

حلول العالم – متابعات

يكشف التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية للحوثيين وحلفائهم، أنه مازال في جعبته الكثير من المفاجآت، لعل أهمها حتى الآن، هو القرار الأخير الذي أصدره الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، بتعيين اللواء علي محسن الأحمر، كنائب للقائد العام للقوات المسلحة اليمنية، وتعود أهمية تعيين الأحمر في هذا المنصب، الذي يعد ثاني أرفع منصب في اليمن بعد منصب الرئيس هادي، لما يحمله من دلالات سياسية وقبلية وعسكرية تؤثر على مسار المعركة في اليمن، وتثبت جدية سعي التحالف نحو الحسم العسكري لا السياسي.

جاء تعيين الأحمر بعد دخول الحرب ضد الانقلاب الحوثي شهرها العاشر، لينهي حالة من الصراع غير المعلن بين أبرز أطراف التحالف “السعودية والإمارات”، ويكشف توجه المملكة لإشراك جميع مكونات المشهد اليمني في حل الأزمة، بما فيها المقربين من حزب الإصلاح اليمني الممثل لجماعة الإخوان المسلمين، رغم معارضة الإمارات، ومحاولاتها إخراج الإصلاح ورموزه والمقربين منه من المشهد اليمني ككل.

تعد أبرز الدلالات على تعيين الأحمر، هو الكشف عن توجه التحالف والحكومة الشرعية لإعادة ترميم الجيش اليمني، لما يمتلكه الأحمر من قوة ونفوذ داخل الجيش اليمني، بالإضافة لتمكن التحالف العربي عن طريق علاقات الأحمر القبلية الواسعة، من ترجيح كفة القبائل في معركة الحسم، خاصة مع اقتراب المقاومة والجيش الوطني من دخول صنعاء، كما تكشف بشكل واضح تحول موقف المملكة من إدارة الصراع في اليمن، وهو ما يعد ردًا على تصريحات ولايتي الأخيرة بشأن التدخل (الروسي – الإيراني).

أهمية الأحمر

تبرز أهمية اللواء محسن الأحمر في خلفيته العسكرية، والقبلية، والتي تشير لإمكانه التأثير على مسار المعارك في اليمن بشكل كبير، وبدأت عودة الأحمر للساحة العسكرية في اليمن، والذي تولى منصب مستشار عسكري لهادي منذ انتخابه كرئيس لليمن، وحتى تعيين الأحمر الأخير كنائب لرئيس القوات المسلحة اليمنية، من خلال تنقله بين جبهات القتال في مأرب وجبهتي “ميدي وحرض”، على الشريط الحدودي بين اليمن والسعودية.

ويعد الأحمر من أبرز العسكريين اليمنيين، حيث التحق بالجيش اليمني عام 1961، وفي عام 1968 رُقِّيَ من جندي إلى رتبة ملازم أول، ثمّ التحق بالكلية الحربية اليمنية عام 1971، وحصل منها على البكالوريوس في العلوم العسكرية عام 1974، ورقّيَ إلى رتبة نقيب.

واصل الأحمر تحصيله الأكاديمي العسكري، فالتحق بمعهد الثلايا في مدينة تعز وحصل على شهادة قائد كتيبة، كما نال زمالة الدكتوراه من أكاديمية ناصر العسكرية العليا في مدينة القاهرة عام 1986، وفي 2007 رُقي بقرار جمهوري إلى رتبة لواء.

خاض 6 حروب ضد الحوثيين، من بينها حرب في معقلهم الرئيسي بصعدة، مما جعله من أبرز المطلوبين لدى الحوثيين عقب انقلابهم على الشرعية في اليمن، وقام الحوثيون باقتحام منزله في صنعاء عقب سيطرتهم عليها في سبتمبر 2014.

لم تقتصر مشاركته في الحروب اليمنية على مواجهة الحوثيين، ولكن كان له دور كبير في الحفاظ على وحدة اليمن، حيث ساهم في الدفاع عن النظام الجمهوري على عدة جبهات، وقام بتشكيل الفرقة الأولى من المدرعات، كما ساهم في استعادة تحقيق الوحدة اليمنية بوقوفه في وجه “عناصر الانفصال” في حرب 1994، حيث كان قائدًا ميدانيًا لجبهة عدن، وعمل كعضو في إعادة تنظيم ودمج القوات المسلحة، التي كانت منقسمة بين دولتيْ جنوب اليمن وشماله.

دوره في الثورة اليمنية

انضم اللواء الأحمر لثورة فبراير اليمنية، حيث انشق على الرئيس المخلوع صالح، بعد مجزرة جمعة الكرامة، التي أسفرت عن سقوط أكثر من خمسين قتيلًا من شباب ثورة 11 فبراير في ساحة التغيير بصنعاء عام 2011. وهو أمر شكل ضربة موجعة لصالح، في أعقاب انضمام كثير من القادة العسكريين، وعدد آخر من السياسيين والبرلمانيين والسفراء، إلى الثورة المطالبة بإسقاط حكمه.

الأحمر مؤثر عسكريًا وسياسيًا وقبليًا

قال المحرر المختص بالشؤون اليمنية أحمد الشلفي، إن تعيين الأحمر لم يكن مفاجأة، مشيرًا إلى أن التحليلات السياسية تؤكد أنه الرجل المناسب لهذا المنصب، وأن القرار بتعيينه جاء متأخرًا، مضيفًا أنه رجل مشهود له عسكريًا بأنه مهم في الشأن العسكري؛ لتبوئه أعلى المناصب العسكرية، ومشاركته للرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح في الحكم، واطلاعه على الكثير من التفاصيل اليمنية.

ترميم الجيش وجدية الحسم

وأضاف الشلفي، خلال مداخلته التليفزيونية أمس الاثنين على قناة الجزيرة، أن قرار تعيين الأحمر مهم بالنسبة للجبهة التي جاء منها، وهي جبهة الشرعية والجيش الوطني والتحالف العربي، مؤكدًا أن تعيينه يرسل رسائل مهمة وخطيرة، أبرزها أن مسألة الحسم العسكري وجدية الرئيس هادي والتحالف العربي مسألة حقيقية، وليس هناك تراجع عن القرارات العسكرية التي تم اتخاذها مؤخرًا.

وتابع الشلفي: أن “هناك أيضًا عدة دلالات مهمة وخطيرة لهذا القرار، وهي دلالات عسكرية وسياسية وقبلية”، مشيرًا إلى أن أبرز الدلالات العسكرية لهذا القرار، هي أنه لا يوجد قائد عسكري أفضل من الأحمر لخوض جبهات القتال، وخاصة مع اقتراب الجيش الوطني والمقاومة من العاصمة اليمنية والساحل الغربي المحاذي للمملكة”، معتبرًا أن أهمية القرار تنبع من تلك النقطة أكثر من غيرها.

وأكد أن الدلالة العسكرية الأخرى المهمة لهذا القرار، هي أنه يكشف سعي التحالف العربي والحكومة الشرعية إلى إعادة ترميم الجيش اليمني، مضيفًا أن “الجيش خلال الفترة الماضية، بل ومنذ الثورة اليمنية في 2011 بعد انضمام الأحمر للثورة اليمنية، بات جيشًا مفككًا، وعندما سقطت العاصمة اليمنية صنعاء بيد الحوثيين، تمكن صالح والحوثيون من تفكيكه بشكل كامل”، لذلك يحتاج الجيش اليمني الآن لقيادة عسكرية، خاصة أن وزير الدفاع محمود الصبيحي مازال محتجزًا لدى الحوثيين.

تغيير في نظرة المملكة لمكونات المشهد اليمني

وحول سبب التأخر في اختيار الأحمر، أكد الشلفي، أن هذا الأمر مرتبط بالدلالة السياسية، مضيفًا أن “التعيين الآن يدل على أن السعودية التي تقود التحالف العربي، بدأت في تغيير أولوياتها، ورأت أنه من المهم إشراك مثل هذه القيادة في عملياتها، وأيضًا الكيانات الأخرى، وهذه دلالة على التحول في النظرة تجاه بعض المكونات والشخصيات”.

وعلل “الشلفي” التغيير في الرؤية السعودية بأنه يعود لأهمية الأمر، ولأهمية الشخصيات، وقدرتها على الحسم، خاصة مع اقتراب الجيش الوطني والمقاومة من صنعاء ومن نهم ومن الجوف، بالقرب من صعدة والساحل الغربي”.

وتابع رصده للدلالة السياسية لتعيين الأحمر، مؤكدًا ارتباطها كذلك برسائل خارجية، قائلًا: إن “هذا القرار جاء ليقول للطرف الآخر بأن المسألة جادة، وليرسل رسائل خارجية، خاصة مع تصريحات ولايتي عن احتمالية وجود تنسيق (روسي – إيراني) في اليمن، فالأمر له دلالات داخلية وخارجية، ولكن الدلالة السياسية للأمر ككل، هي أن هناك تحولًا في موقف المملكة العربية السعودية والتحالف العربي التي تقوده الملكة”.

تغيير مسار التحول القبلي
أما الدلالة القبلية لهذا التعيين، وفقًا للشلفي، فهي ترجع لكون اللواء علي محسن الأحمر، من أبرز المسؤولين اليمنيين المرتبطين بالطوق والحزام القبلي اليمني، مشيرًا إلى أن قربه من الرئيس المخلوع جعل لديه علاقة قوية بهذا الطوق، بالإضافة لكونه من منطقة سنحان القريبة من صنعاء، والواقعة ضمن المناطق القبلية، مؤكدًا أن “تلك العلاقة ستؤثر على مسار التحولات العسكرية والتحولات القبلية”.