البيان الأخير الفائض لتوضيح ملابسات قضية اختطاف المهندس حافظ

كتبه أخوكم المحب : مانع سليمان

كلما في الأمر مبادئ حددها القرآن وقيم رسمت خيوطها سنة المصطفى العدنان ‘ فمن كانت تلك المبادئ ميزان سيره والقيم مقياس التعامل الذي يتحلى به مع غيره سيدرك ما يجب عليه وما لا يجوز له ‘ ومن كانت أهواؤه تحدد خطوات ممارساته ونزواته خرائط توجه لإشباع أنانيته وشهواته وقع في محظور اتباع الهوى وهلك في غياهب صبيانية التصرف وجنون الغوى.

 

المهندس حافظ مطير ثائر قدير يقول رأيه دونما مداهنة أو مراعاة لأحد ‘ اتخذ من نصرة المظلوم والوقوف في وجه الظالم سبيله الوحيد في السير إلى معالي النبل وطوارق الخلق الحسن والسلوك الأقوم ‘ وقف مع المقاومين وهم في أضعف حالاتهم ‘ لم يدفعه إلى ذلك حظ يرجوه أو دنيا يبتغيها ‘ ما الذي سيرجوه من طريد لا يملك أمانا لنفسه أو حفاظا لماله؟

 

كان المهندس أول الواقفين في وجه المليشيات الحوثية يوم أن اعتقلت الأستاذ حميد النفيعي ‘ ولم يمنعه انتماؤه الحزبي من مناصرته كمظلوم تجب نصرته رغم أنه كان يرأس دائرة في حزبه آنذاك ‘ استل سيف الكلمة في وجه المليشيات من أول وهله لظهورها ‘ وضحى بكلما يملك في سبيل ثباته على مبدأ مساندة المظلومين من إخوانه في الإصلاح وفي غير الإصلاح من أبناء اليمن المناهضين للإنقلاب ‘ وتشرد كما تشردنا ‘ فر من المليشيات في بداية الأمر إلى الضالع وبعد أن اقتحمت المليشيات الضالع ولى مهاجراً إلى مأرب ‘ وصل إليها قبل الكثير من من يتساءلون عن التاريخ النضالي للرجل ‘ ويتخذون من المقاومة مرتع انتهاز لشهوة التسلط المتحكمة بما يأملون ‘ هم يدركون حجم النضال الذي مارسه المهندس ‘ لكن الجحود اتكأ على عقل الخصومة ” وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ” .

 

لحقنا إلى مأرب بعد تحريرها زملاء نضال وإخوان ثورة ‘ جاءو وقد ذهبت لحظات العسرة ‘ أتوا وقد انتهت عمليات القنص وتوقفت عمليات القصف العشوائي المكثف ‘ وصلوا إلى أمان كان نتاج جهاد من سبقهم ‘ صافحوا من سبقهم هم يتوشحون أوسمة الإمارة وتيجان الولاية على من سبقهم ‘ لم يمانع السابقون من ذلك وإنما استقبلوهم بكل حفاوة وترحاب ‘ ربما كانوا متفاجئين من أن بعض إخوانهم قد أصبح عملهم النضالي في دوائر لا تخضع لسلطتهم التي أهديت لهم ‘ لم يعجبهم ذلك لأنهم لا يطيقون رؤيتهم إلا عمالا تحت رقابتهم ‘ لم يصدقوا ما يشاهدونه واستمروا في إنكارهم يعمهون .

 

في مأرب مقاومة لكل اليمن تحتضن كل المكونات بكل ألوانها وأطيافها ‘ ولأنها كذلك ستجد فيها تنوع الآراء وتلون الأفكار وتباين في التوجهات وكمال النجاح للمقاومة استغلال هذا التنوع وإتقان إدارته ‘ وهذا ما لا يدركه الكثير من أولئك الذين لم يخرج تفكيرهم من منظومة الحزب إلى رؤية الدولة ‘ وأيما إرادة لإقامة دولة على أحادية التفكير لن يكتب لها النجاح أبداً ‘ وكما قال شيخ الإسلام ابن تيمية : إن الله ليبقي الدولة العادلة وإن كانت كافرة ويهلك الدولة الظالمة وإن كانت مسلمة … وعليه أقول : إن الله لينصر المقاومة العادلة وإن كانت منحرفة الفكر ويهزم المقاومة الظالمة وإن كانت ملتزمة ‘ والمقاومة التي تنطلق انتصاراً للحزب لن تنتصر حتى لحزبها ‘ فلنتعقل ولننطلق بعقل بناء الدولة لا بتصور بناء الحزب ‘ والحزب الذي لا يفكر إلا بالحزب سيضل حزب ولن يتحول إلى دولة إلا إذا ارتقى تفكير الحزب إلى مستوى سعة الدولة وشوامل مستلزمات تثبيتها .

 

الأخ حميد النفيعي أخ فاضل وأحد أساتذتنا الذين نجلهم ‘ خانته المشورات التي يقدمها له بعض المراهقين ‘ المتأثرين بالسلوك الحوثي مع من يختلف معهم ‘ لأنهم بضيق تفكيرهم يفهمون ما وصل إليه الحوثيون انتصاراً ولم يدركوا أن الحوثيين بسلوكهم الذي ينطلق من عقل سيد لا شريك له أشعلوا حمماً ثائرة عليهم في كل أرجاء اليمن ولا يمكن أن نقبل بأن نكون الصورة الأخرى لهم في السير السلوكي والمآل النهائي ‘ لأن مآلهم الهزيمة بلا شك.

 

سلكت سبيل النصيحة واتصلت بالأخ حميد قبل أن تقع الحادثة منتقداً تهديد مرافقه للمهندس فأقر التهديد وأثبت التوجيه لمرافقه بالتنفيذ وأصر على رأيه ‘ بل اعتبر كل من سيحمل قضية المهندس مندس حوثي مثله وسيعامل بنفس معاملته ‘ أيقنت أن الأمر أصبح في موطن الجد فاتصلت بالأخ (  ي . ش . د ) طالباً منه مراجعة الرجل وكنت في غاية الإنزعاج آملا أن يحركه حماسي للقيام بواجبه ‘ واتصلت بالأخ حافظ ليغير مكان استقراره حتى نتمكن من حل الإشكال فيما بيننا قبل حدوث أي مكروه لأحد .

 

اليوم الثاني اتجهت إلى الأستاذ ( أ . د . ح ) ممن له علاقة قوية بحميد وصافحته قائلا كيف حالكم يالبلاطجة أو بمعنى هذا الكلام ‘ فبادرني بتهمة أحسست من خلالها أن ثمة تدبير جماعي يسعى لإسكاتي عن الدفاع عن الرجل ‘ فغضبت في وجهه وتحدثنا واياه وجمع من الشباب في الأمر ‘ وأثناء حديثنا جاءني الإتصال بأن هناك مجموعة مسلحة قد جاءت لاختطاف المهندس ‘ كلمت الأستاذ ووجدت برود في التعاطي في القضية وكان لدي عمل يخص نشاطي في المقاومة ‘ ذهبت إليه وبعد أن قضيته ذهبت للقاضي الوقشي وطرحت عليه الأمر وقال لي هذه حادثة اختطاف يجب إيقافها ومعاقبة المنفذين لها ووجهني بفعل كذا وكذا كإجراءات قانونية ‘ وسلكت ذات السبيل ولم آلو جهداً في إنهاء الأمر دونما ضجيج اتصلت بالأخ حميد لم يرد علي كررت الاتصال فلم يرد أرسلت له عدة رسائل تخص الأمر وتتحدث عن التحذيرات التي تلقيتها من أكثر من جهة لإسكاتي .

 

لم أجد أي استجابة أو حتى تعاطي مع جهدي لإنهاء القضية دونما ضجيج ‘ فاضطررت لإجهار القضية كفعل مشروع يبحث عن النصرة من أي أحد ‘ وتماشياً مع قوله تعالى : ” لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظُلِم ” فكتبت منشورين بالفيس وأرسلت ذلك بالواتس ‘ بعدها التفت إلي الكثير رغم أن الإتصالات لم تستجلب اهتمامهم ‘ حينها وجدت أقواماً يخشون الناس أشد من خشيتهم لله ‘ أقواماً يخافون سوء السمعة بين الخلق ولا تهمهم سمعتهم عند الخالق ‘ أقواماً يخبرونك أنهم سيفعلون كذا وبعد قيامهم به ونكران الناس عليهم يحلفون بالألسنة التي أخبروك بها أنهم سيفعلوة أنهم ما فعلوه ‘ اللهم لا شماتة بأحد ونسأل من الله الثبات .

 

وبعد شيوع الأمر وذيوع السوء الذي اقترفوه ‘ أرسلوا رسولهم بإسم إنهاء القضية ودياً دونما شوشرة ‘ المهندس لم يطلب الكثير المهندس يطلب رد اعتبار كون التهم والتلفيقات التي تعرض لها من قبل خاطفيه ليست بالهينة ‘ هي تهمة تزهق بسببها الأرواح ولكل في مأرب مع حامليها ثأراً ‘ المقاوم حافظ طلب اعتذاراً ورد اعتبار ‘ ووافقوا على ذلك ووعدوه للغد وجاء الغد فأظهروا تهرباً ومماطلة وأتى اليوم الثالث وهم لا يزالون في مماطلتهم يسبحون ‘ بينا ما وصلوا إليه انزعجوا أكثر من انزعاجهم السابق وهكذا دواليك.

 

الأخطر في الأمر أنهم يرون مجيئهم المتأخر هو المقاومة ومجيئ من سواهم المتقدم جداً لا يمثل المقاومة بشيئ ‘ يعتبرون النقد لسلوكياتهم السيئة اساءة للمقاومة وشرخ في صفها ‘ ولم يدركوا بعد أن المسيئ للمقاومة هو الاعوجاج الذي عليه يسيرون !!

 

أبو بكر الصديق رضي الله عنه قائد أول مقاومة في الإسلام ضد أول تمرد على حكم المسلمين خطب بين المقاومين بقوله : إن رأيتموا في اعوجاجا فقوموني ‘ فقام زميل دربه عمر بن الخطاب رضي الله عنه في وجهه قائلاً : والله لو رأينا فيك اعوجاجاً لقومناك بسيوفنا ‘ ولم يعتبر ذلك الصديق شرخاً للصف ولا استهداف للمشروع الذي يحمل ولم يقل لأحد أنه تحريض سينفر المسلمين عن مواصلة المعركة ضد المتمردين.

 

عمر بن الخطاب رضي الله عنه صعد المنبر خطيباً بقوله اسمعوا وأطيعوا ‘ فرآه سلمان الفارسي رضي الله قد خص نفسه بثوبين وانتفض قائلاً : لا سمع لك ولا طاعة حتى تخبرنا من أين لك الثوب الثاني ‘ لم يخوِّن عمر رضي الله عنه سلمان وإنما بادر لتبيين أن ما عليه لم يكن نتاج ممارسة فساد ‘ وإنما نتاج تدبير عائلي تنازل أحدهم بما فضل له لمن له حاجة به ‘ وهكذا كانت أخلاق الصحابة ‘ وبهذا الاسلوب كان تعاملهم مع الناقد ‘ لم يختطف عمر سلمان ولم يرسل من يهدده من مرافقيه .

 

ولكم بالمرأة التي وقفت بوجه الشديد عمر تقول : لا تمنعنا شيئاً أعطانا الله إياه ‘ وبعد ذكرها لحجتها له تنازل عن قوله لرأيها .

 

الرسول الأعظم وهو يرص صفوف المسلمين غرز أحد الصحابة في بطنه ليستوي في الصف فقال ذلك الصحابي : يا رسول الله لقد أوجعتني ‘ فمكنه الرسول من الاقتصاص لنفسه ‘ فرفض الاقتصاص إلا بعد أن يكشف الرسول عن صدره لكون صدر ذلك كان مكشوفاً أثناء الغرز ‘ فلم يتعالى النبي عليه السلام عن ذلك وإنما مكنه من رغبته ‘ فما كان منه إلا أن قبلها ‘ وبعض اخواننا يتعالون عن الاعتذار ‘ مع أنهم يعلمون أنهم أخطأوا في حق المهندس ويعتبرون المطالبة بذلك تحريض .

 

رآى الرسول الأعظم تعصباً من عمر على اليهودي الذي أخطئ في حق النبي ‘ فبين له الرسول احتياج الجميع النبي واليهودي لما هو أعظم من التعصب له ‘ وهو أمره لكل واحد منهم بما يلزمه من أحسن السلوك وجمال التعامل ‘ وإخواننا فرحون جداً بتعصب بعض المراهقين لتصرفاتهم المعوجة ويوجهونهم لتهديد وتخوين كل من يختلف معهم .

هذه قيم ومبادئ الحركة وهي نفس مبادئ وقيم المقاومة والمنحرفون عن مسار المقاومة هم من يتصرفون بما يتنافى معها.

أنا لا تاريخ لي وليس لي قيمة مسكين لا أملك شيئ ‘ لكن الحكمة ليست إلا ضالة للمؤمنين وغير المؤمنين هم من لا يوفقون بالتقاطها أثناء حصولهم عليها .

وأنا ليس لي عمل عند أحد لأني لا أعمل للناس وأعمالي كلها هي لله ولن أعرضها إلا عليه سبحانه وتعالى وهو الأعلم بها لأن جزائي الذي أسعى للحصول عليه لن يكون إلا من أحد منهم سواه ‘ وخير العاملين عند الله هو صاحب النقب .

المهم أن نصلح أعمالنا ونسدد أقوالنا ونصحح أخطاءنا وسيأجر الله كل بنيته وفعله ‘ وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

#سليمانيات #مانع_سليمان