لن تدوم فرحتكم ولن يطول غيابنا عاصفة الحزم 2

بقلم – عباس الضالعي

الترحيب الواسع الذي لاقاه قرار تعيين الفريق الركن علي محسن الأحمر نائبا للقائد الأعلى للقوات المسلحة في الوسط العسكري والاجتماعي والقبلي والشبابي ومختلف مكونات المجتمع يدل على حجم الفجوة والخلل التي كانت تعاني منها السلطة الشرعية ، كما قال أصحاب النكت والفكاهة ان تعيين الفريق الأحمر بسط على مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن الارتياح والفرحة التي غمرت الشعب بهذا القرار ..

عباس الضالعي

لن نكرر الأسباب والدوافع والمعطيات التي دفعت بالتآمر على الفريق الأحمر واستبعاده ومحاولة التخلص منه بالتصفية والذي كان هدفا لمليشيا الحوثي يوم سيطروا على العاصمة صنعاء ومستوى الشراكة والتغطية الرسمية التي ساهمت بذلك ، وانعكس ذلك العمل على انهيار الدولة والسيطرة عليها بشكل كامل من قبل المليشيا الحوثية وشريكها علي صالح ..

مواقف الفريق علي محسن الأحمر من القضايا الوطنية هي التي جلبت له العداء من مليشيا الحوثي ومن علي صالح شخصيا ، عداء الحوثيين له أسبابه ، حيث يعتبر العدو الأول للمليشيا ومشروعها التوسعي وهذا الموقف ناتج عن مواقف الفريق الواضح من المشروع الذي تحمله هذه المليشيا ، فهو القائد الذي اخمد الحركة في بدايتها العسكرية الأولى عام 2004 الذي توج بالقضاء على مؤسسها رأس الفتنة حسين الحوثي في الجولة الأولى من حروب صعده ، لكن رغبة علي صالح بالتخلص من الرجل القوي علي محسن الأحمر انتج حربا ثانية وثالثة ورابعة وخامسة وسادسة ، وكان الهدف المحوري من تلك الحروب هو تصفية الجنرال علي محسن نتيجة مواقفه الواضحة من توريث النظام الجمهوري وهو الأمر الذي كان يعتبره علي صالح عقبة امام سياسة التوريث التي كان يسخر لاجلها كل مؤسسات الدولة ..

كان الفريق علي محسن الأحمر الرجل الأول لنظام علي صالح ورجل المهمات الصعبة وحامي الجمهورية والنظام ، بمعنى اكثر وضوحا ، كان الفريق الأحمر هو الرجل الثاني في النظام وان كان منصبه لاينص على ذلك صراحة ، رغم انه الرجل الثاني الا انه لم يمارس سلطته ونفوذه ومكانته واستغلالها كما استغلها علي صالح في السيطرة على مفاصل الجيش والامن وأجهزة الاستخبارات والمؤسسات الايرادية للدولة ، لم يقوم الفريق الأحمر بتعيين احد أبنائه في أي جهاز عسكري او امني او منصب رسمي ، وجميعنا يعرف ان أولاد اللواء لم يتولى أي منهم أي منصب هام في أجهزة الدولة رغم قدرة اللواء على ذلك ، لكنه كان يؤمن برفض فكرة التوريث بشكل قاطع ايمانا بأنه يعمل ضمن نظام جهوري ، وكان هذا نقطة الخلاف الرئيسية بين الفريق وعلي صالح ..
عام 2011 وتحديدا في شهر مارس عقب مجزرة جمعة الكرامة التي استهدفت شباب الثورة السلمية في ساحة التغيير سجل الفريق الأحمر من موقعه العسكري حينها ( قائد المنطقة العسكرية الشمالية الغربية قائد الفرقة الأولى مدرع ) موقفه العلني والواضح من النظام والثورة وانحاز للوطن واعلن تأييده للثورة الشبابية الشعبية السلمية ومن مكتبه داخل الفرقة الأولى ايمانا منه بأن ثورة الشباب قضية استحقاق وطني وواجبه الوطني فرض عليه إعلانه تأييدها وحمايتها ، نتج عن ذلك الموقف انهيار نظام علي صالح متمثلا بإعلان اغلب قيادات المناطق العسكرية والالوية وقيادات امنية وسياسية وإعلان اغلب مشائخ اليمن تأييدهم لموقف اللواء ، كان رد علي صالح على موقف اللواء الداعم لثورة الشباب هو ( علي محسن كسر ظهري ) كان علي صالح يعي ويستوعب مامعنى اعلان الفريق الأحمر تأييد الثورة على نظام علي صالح العائلي ويعي أهمية وثقل ونفوذ وتأثير الفريق الأحمر داخل النظام والمجتمع ، صالح يعرف ان الفريق الأحمر هو الرجل الاخطبوط سواء داخل المؤسسة العسكرية والأمنية او في الوسط القبلي الواسع او دوائر صنع القرار ، الحقيقة الواضحة التي لا تحتاج للتشكيك هي ان نظام علي صالح انهار بالدرجة الأولى بسبب موقف الفريق الأحمر وموقف أولاد الشيخ عبدالله الأحمر رحمه الله الداعم لثورة الشباب الشعبية السلمية وسر نجاحها ، وان هذين الموقفين هما من كسر ظهر علي صالح واسقط نظامه ، وبالمناسبة ، موقف الفريق الأحمر واولاد الشيخ الأحمر هي مواقف تكاملية بين الطرفين ، الثورة نجحت حين اعلن الجيش الجمهوري و القبيلة تأييدهما للثورة وهي من كسرت ظهر علي صالح ونظامه ..

للأسف الشديد ان الرئيس هادي لم يستوعب مكانة واهمية الفريق الأحمر رغم معرفته بحجم علاقاته ونفوذه ويعرف مكانته وشعبيته الواسعة عند مختلف مكونات المجتمع اليمني الا ان هادي ارتكب خطأ اعتبر حينها خطأ استراتيجي حين قرر استبعاد الفريق الأحمر من قيادة المنطقة الشمالية الغربية وقيادة الفرقة الأولى مدرع تنفيذا لبرنامج هيكلة المؤسسة العسكرية الذي اثبت لاحقا ان الهدف من ذلك البرنامج هو استبعاد الجيش الوطني الجمهوري الذي كان تحت قيادة الفريق الأحمر ، وان ذلك القرار كان بداية الانقلاب وبسببه انهارت الدولة وأجهزتها وما ترتب على ذلك من انهيارات واحتجاز قيادة الدولة واحتلال العاصمة وانتقال اليمن الى مرحلة الحرب ..
لمن يتابع مواقف الفريق الأحمر سيجد انها مواقف رجل دولة بما تعنيه الكلمة ، وسيجد انه القائد والمسؤل الذي التزم وعمل بنص اليمين الدستورية ولم يخرج عنها او يخترقها ، التزم بمسؤلية الأمانة والدستور وحافظ على النظام والشرعية بمختلف المراحل ، وهذه المواقف نادرا ماتتوفر في شخص مسؤل واحد ..
الفراغ الذي تركه مغادرة الفريق الأحمر لمنصبه العسكري قبل الهيكلة التدميرية للجيش الوطني الجمهوري جاء لصالح مليشيا الحوثي وشريكها الرئيسي علي صالح وهذا الفراغ الذي لم يستطيع احد ملئه بقائد يحظى بنفس المكانة والكاريزما والجاذبية والقبول ترك اثرا سلبيا على النظام وعلى المؤسسة العسكرية وعلى ثورة الشباب وعلى مرحلة التغيير ..

قرار تعيين الفريق الأحمر نائبا للقائد الأعلى للقوات المسلحة جاء نتيجة التعقيدات والعثرات التي لحقت بمرحلة تحرير اليمن من سيطرة الانقلابيين على الدولة بقيادة المملكة العربية #السعودية من خلال التحالف العربي المكون من عشر دول عربية ، وصلت قيادة التحالف الى قناعة كاملة بوجود فراغ كبير يؤثر على مسار الاحداث في الميدان ، وحاولت بسد هذا الفراغ الا انه لم يتحقق ذلك لانعدام المواصفات المطلوبة لشخصية قيادية جامعة ومؤثرة تلهم اليمنيين للانظمام للشرعية والتخلي عن المليشيا الحوثية وصالح ، كان موقف التحالف متباين تجاه الفريق الأحمر ، مصدر ذلك التباين ناتج عن التعبئة الخاطئة التي قام بها علي صالح وقيادات رئيسية في النظام الجديد وتخويف دول الخليج من الفريق الأحمر مستندين بذلك لعلاقته من التيار الإسلامي في اليمن وخاصة حزب الإصلاح تحديدا ويتجاهلون مكانته وحجم نفوذه العسكري والقبلي والسياسي والمدني ومعرفته بتفاصيل وخبايا علي صالح ومليشيا الحوثي وقراءته لطريقة تفكير وتخطيط الانقلابيين والمامه بطرق وأدوات مواجهة هذا الانقلاب ..
طالبت كثيرا قيادة الشرعية وقيادة التحالف بضرورة الاعتماد على الفريق علي محسن الأحمر بقيادة مرحلة تحرير اليمن لقناعتي المبنية على معطيات حقيقية من تاريخ هذا القائد ومواقفه بعيدا عن العواطف والخيال التراكمي الذي تصنعه بعض القوى التي تدعم الحوثيين وصالح والقوى التي تثير الزوبعة حول التيار الإسلامي بشكل عام ، كانت مطالبتي لقيادة التحالف بإسناد قيادة تحرير اليمن واستعادة الدولة والنظام للجنرال علي محسن لها واقعيتها ومصداقيتها لمعرفتي بمكانة هذا القائد وحجم نفوذه وخبرته العسكرية والعلاقات الواسعة وحجم تأثيره على مختلف المكونات واهمها المؤسسة العسكرية والأمنية والقبيلة ، خاصة حين وصلت هذه المكونات الى مرحلة قطيعة كاملة بثقتها مع قيادة البلد الانتقالية وتحولت العلاقة مع هذه القيادة الى شرخ واسع يتزايد يوميا وصل الى درجة القطيعة ، هذه العلاقة السلبية تراكمت نتيجة الأداء الذي سلك طريق الانحراف الوطني والانحناء للمليشيا الانقلابية وشريكها صالح دون أي مواجهة وفقا للدستور والقانون بل ذهب الامر الى ابعد من ذلك هو( قوننة ) اعمال المليشيا العسكرية وتجريم القيادات والأطراف الداعمة للثورة والسلطة والشرعية ، جميعنا يعرف تفاصيل تلك الاحداث التي نتج عنها انهيار السلطة والدولة والنظام وأعلنت طهران بطبيعة المهمة لاعمال تلك المرحلة بأن ايران أصبحت تسيطر على رابع عاصمة عربية ( صنعاء ) هذا الإعلان هو الذي مثل البذرة الأولى لاستنهاض القرار الخليجي بمواجهة المشروع الإيراني التوسعي الذي يستهدف الخليج وتحديدا المملكة العربية #السعودية ..
كان الفريق الأحمر واولاد الأحمر هما الهدف الأول والرئيسي بالتصفية من قبل الانقلابيين الحوثي وصالح وبمشاركة قيادة المرحلة التي لم تستوعب حينها حجم المؤامرة وتجاوزها مسألة مواجهة حزب او كيان بعينه حتى وان كان موقف القيادة حينها منسجما مع سياسة الدول الراعية للمبادرة الخليجية بما في ذلك السعودية ، المفروض ان القيادة اليمنية هي من تقرر حجم التعاون وهي من تقدر حجم المخاطر وهي من تعمل على تصنيف القوى المحلية ، لكن للأسف هذه القيادة سلمت زمام القرار الى بعض السفارات وتحولت القيادة الى سكرتارية تستقبل التوجيهات حتى حلت الكارثة على اليمن والخليج ..

كانت نجاة الفريق علي محسن الأحمر من التصفية حين دخل سيطر الانقلابيين على صنعاء بمثابة هدية الهية لليمن وللخليج أيضا وحين قال الفريق الأحمر رسالته المشهورة للانقلابيين بعد وصوله المملكة العربية السعودية (لن تدوم فرحتكم ولن يطول غيابنا )

كان يعني مايقول ويعرف مدى قدراته وحجم نفوذه وعلاقاته وهمته بإنهاء سيطرة الانقلابيين ومن ورائهم ايران على اليمن ، الفريق الأحمر يقف وراء عملية التحالف العربي ، لكن حجم المخاوف التي صنعتها التقارير المضادة اخرت عملية اسناد المهمة للفريق الأحمر ، وبسبب تلك المخاوف تأخر قرار التعيين الذي صدر امس ..
لو كان الفريق الأحمر يشك مجرد الشك حتى للحظة انه غير قادرعلى مهمة تحرير اليمن من الانقلاب و دخول صنعاء واستعادة الدولة لما قبل بهذه المهمة ، أقول الكلام هذا لمعرفتي بذكاء القائد علي محسن وقدراته في اختراق الطوق العسكري والقبلي الذي يعتمد عليه علي صالح في حربه لتثبيت سلطة الانقلاب ، والدليل على كلامي هذا هو حجم الفرحة الكبيرة والواسعة التي غمرت اليمنيين في الداخل والخارج والارتياح الكبير داخل قطاعات الجيش والامن وجبهات المقاومة ، قرار تعيين الفريق علي محسن يعتبر هو الحدث الهام والتاريخي لفترة الرئيس هادي وقد اعتبره البعض بمثابة كفارة لسياسته السابقة التي شابها كثيرا من التعرجات والاخفاقات ، هذا القرار نزل على كالصاعقة على صالح وقيادة المليشيا لمعرفتهم بالفريق وحجم نفوذه وقوة تأثيره ، يعرف علي صالح يقينا ان تعيين الفريق نائبا للقائد الأعلى هو عاصفة حزم ثانية تساوي عاصفة الحزم الأولى ..
الثقة المنهارة بين قيادة الشرعية وبين قيادات الجيش والقبائل والنافذين في المجتمع والذي تراوحت مواقفهم اما بتأييد علي صالح والمليشيا واما بالاعتزال وعدم تأييد الشرعية والتحالف لم تكون هذه المواقف نابعة من قناعات فكرية ومبدئية بل ناتجة عن تقصير واهمال وتهميش هذه القيادات من قبل قيادة الشرعية وهذه المواقف نتيجة سوء التقدير والاعتبار بمن اعلنوا تأييدهم لشرعية هادي والتحالف ،

كثير من القيادات العسكرية والقبلية والسياسية والبرلمانيين وقيادات مجتمعية ترغب بإعلان موقفها الداعم للشرعية والتحالف لكنهم يتراجعون نتيجة انعدام الثقة المتراكم وعدم وجود واجهة يستندون اليها ويعملون معها وبعبارة أخرى وبالمفهوم المستخدم في المجتمع ( بدقنة من نمسك ) وهو تعبير حقيقي نظرا للعلاقة المهزوزة بل المنعدمة بين القيادة والشخصيات المستهدفة بالانظمام للشرعية ..
قرار تعيين الفريق علي محسن أعاد الثقة للناس بوجود قوة صلبة يستندون عليها ويعملون معها وهذا معروف عن الفريق الأحمر انه افضل من يقدر مكانة القيادات العسكرية والمشائخ والنافذذين والمؤثرين ويعطي مكانة كل واحد ويتواصل معهم ويفتح ابوابه امامهم ويعمل على توسيع هذه الدائرة للوصول الى الدائرة الضيقة حول الحوثي وصالح ، فقرار التعيين يمثل دفعة كبيرة للمرحلة واختصار للوقت ويعمل على تعزيز الثقة داخل الصف المقاوم في الميدان ممثلا بالجيش الوطني والمقاومة الشعبية ، قرار التعيين هو اختراق استراتيجي للطوق الذي يستند عليه صالح والحوثي بجانبيه العسكري والقبلي ولهذا يمثل صدمة كبيرة للانقلاب ، صحيح ان القرار تأخر لكنه افضل من ان عدم صدوره ..
وجود الفريق علي محسن في واجهة الاحداث وتحت قياداته هو عامل تعزيز قوي لرفد الجبهات بالمعنوية العالية وعامل تحفيز كبير للقبائل والقيادات العسكرية والسياسية الموالية لصالح والحوثي وهذا القرار سينعكس إيجابا على الاحداث على الأرض وتفريغ مراكز الاسناد من الداخل ..
القرار رسالة واضحة للجانب المحلي والإقليمي والدولي بأنه قرار حسم وانه قرار انهاء الترهل والازدواج والخلافات والتصدعات التي حدثت ولا زالت تحدث ، الكل يعرف ماذا يعني وجود الفريق علي محسن لقيادة مرحلة التحرير ويعرف ماهي إمكانياته ومكانته وعلاقاته الواسعة ويعرف جاذبيته وثقة الناس به ..

فقرار التعيين لم يحمل بعدا محليا فقط يتعلق بقيادة مرحلة التحرير بل له ابعاد إقليمية ودولية وزيارة علي صالح للسفارة الروسية وخروجه بخطاب علني عقب هذا القرار يدل ان ابعاد القرار له علاقة بالمتغيرات المحيطة بالمنطقة وانه قرار استباقي لبتر أي خطوات تهدف الى خلط القرار ..

ثقتنا بالله كبيرة وبهذا القائد فهو الرائد الذي لايكذب اهله وهو الأمين على المهام التي كلف بها وهو الجمهورية الثانية دون مبالغة ، لن يكون النصر والتحرير سحريا وهذا شيء مسلم به فالمطلوب هو مساندته والوقوف معه مع علمي المسبق ان الأصوات التي كانت تولي اهتمامها بحديقة الفرقة وعسكرة الجامعة وصمتت صمتا مخيفا اثناء سيطرة المليشيا اليمن كلها سترتفع الان وقد ارتفع بعضها لان التهكم على الفريق الأحمر يمنح هؤلاء شهرة ومصادر للرزق وغيرها ، تجربة البلد مع هذه الأصوات تجربة مرة وسيقف الناس امامها ولن يلتفوا اليها لانها أصوات خداع تبحث عن الضوضاء .