لماذا فقدت السعودية حليفها الباكستاني في عدوانها على اليمن

قبل شنّ السعودية عدوانها على اليمن، استدعى الملك السعودي رئيس الحكومة الباكستانية نواز شريف… الذي تعهد دون تردد بمشاركة قواته العسكرية إلى جانب السعودية. لكن هذا ما لم يحصل.

وأتى إعلان وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في منتصف ليل 25/3/2015 شن عدوان عسكري على اليمن، بمساندة 10 دول بينهم باكستان، صادماً للشارع الباكستاني نفسه… خرجت التظاهرات وعقدت اجتماعات مكثفة بين المكونات السياسية، التي أثمرت لاحقاً عن موقف البرلمان الرافض للمشاركة في العدوان.

ثاني أكبر الدول الاسلامية يرفض الشعب الزج بأبنائه لقتل مسلمي اليمن، في مغامرات فرضها أمراء آل سعود على المنطقة، لحساباتهم الشخصية. وفي باكستان أيضاً هناك من يعي أن الحرب على اليمن لا تخدم إلا التكفير الذي يعبث في بلادهم أيضاً، وفيهم من يذكر بأن بلاده دُمرت باسم “الجهاد في أفغانستان”… وأن حروب الخارج لم ترتد إلا بالسوء على الداخل الباكستاني، المتنوع بمكوناته السياسية والطائفية… ففي باكستان الغالبية ينتمون للطائفة البريلوية، وهم من السنة الصوفيين، يليهم الشيعة الذي يشكلون نسبة الثلث، إضافة إلى الطوائف الاسلامية في باكستان أقليات من المسيحية والهندوس والسيخ… وكل هؤلاء لم يسلموا من توحش التكفير الذي عززته المملكة العربية السعودية بدعمها مدارس الطائفة الديوبندية الوهابية…

وقال نائب أمين عام ومسؤول العلاقات الخارجية لمجلس وحدة المسلمين بباكستان د. السيد شفقت حسين شيرازي ان باكستان هي ثاني أكبر البلدان الإسلامية، وهي معروفة بانتشار الصوفية المعتدلة، والتي خرج العديد من علمائها ليعتبروا أن منفذي التفجيرات الانتحارية ليسوا مسلمين بل زنادقة.

وأشار شيرازي ان السعودية لها نفوذ داخل باكستان منذ التحالف مع الحكومة قبل أكثر من 30 عاماً. التحالف، عن طريق رئيس أركان الجيش محمد ضياء الحق الذي كان متشدداً وديكتاتورياً، ووضع يده على السلطة بعد الانقلاب الذي نفذه على رئيس الجمهورية آنذاك ذوالفقار علي بوتو، وهو من جر باكستان للتحالف مع السعودية والولايات المتحدة الأميركية.

وتابع شيرازي هذا التحالف استفادت منه الولايات المتحدة الأميركية والسعودية، في حربهما ضد الاتحاد السوفياتي، استغلوا باكستان وعملوا فيها على تشكيل المجموعات العسكرية وشكلوا استخبارات أمنية واستخباراتية، وعملوا على تمويلها، ومن هنا عززوا نفوذهم في الداخل الباكستاني.

وبين ان النفوذ الذي بنته السعودية داخل باكستان لم يكن من خلال دعم المشاريع التنموية والخدماتية للمجتمع الباكستاني. السعودية وظفت أموالها لتعزيز الأفكار المتشددة والتكفيرية، من خلال تركيزها على بناء عشرات آلاف المدارس الدينية، وأسست الجامعة الاسلامية في اسلام آباد (جامعة الفيصل) لتخريج الوهابيين.مشيراً الى ان التمويل السعودي رفع نسبة المتأثرين بالفكر الوهابي، من 4 % حتى وصلوا اليوم إلى ما نسبته في أقصى الأحوال 15% من مكونات المجتمع الباكستاني، وهي نسبة تبقى قليلة. لأن غالبية الشعب الباكستاني هم من السنة المعتدلين المتأثرين بالصوفية، وتحتل النسبة الثانية الطائفة الشيعية التي تمثل ثلث المجتمع الباكستاني.والدعم المالي الضخم الذي يتلقاه وهابيو باكستان، برّزهم إلى الواجهة الإعلامية، ووضع مؤسسات ضخمة بين أيديهم وهو ما يجعل غير الباكستانيين يعتقدون أن الوهابية تشكل المكون الأبرز في المجتمع الباكستاني.

والمح الشيرازي ان قبل قرار العدوان على اليمن وجهت السعودية دعوة لعدد من الرؤساء كان بينهم نواز شريف، الذي تربطه علاقاته شخصية ومصالح مع السعودية. لقي شريف حفاوة في الإستقبال، اذ استقبله الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز شخصياً، وطُرح يومها موضوع العدوان على اليمن، فأبدى نواز شريف موافقة سريعة من دون استشارة أحد. وكانت السعودية تعتبر أنه طالما نواز شريف موجود فإن المشاركة الباكستانية في العدوان مضمونة، خصوصاً أن الدعم السعودي مغدق على شريف. عندما بدأ العدوان، أدلى نواز شريف تصريحات مباشرة، بأننا الى جانب السعودية كتفاً بكتف، وأن أمننا من أمن السعودية، حتى  وزير الدفاع الباكستاني أدلى بتصريحات متشابهة.. عندها نزلت الجماهير إلى الشارع، في كراتشي ولاهور وباقي المدن، رفضاً لأي عدوان على أي بلد اسلامي.

وأفاد الشيرازي الى ان الأحزاب السنية في باكستان وقفت إلى جنبنا وصرّحت بأن ما يجري على الشعب اليمني هو ظلم وافتراء. أما الطرف الآخر المقرب من شريف او من التيار الوهابي كان يروج أن هناك خطر يطال الحرمين الشريفين وهو ما اتضح كذبه. وأن الخطر على الحرمين يأتي من الفكر التكفيري ومن السعودية نفسها.

وشدد الشيرازي ان الضغط الذي مارسته الاحزاب السياسية والشارع الباكستاني اجبر البرلمان على الخضوع واتخاذ قرار رفض الاشتراك في العمليات العسكرية ضد اليمن.مبيناً ان قرار البرلمان جاء كالصاعقة على السعودية، وسبب حالة من الصدمة في الأوساط السعودية، وهذا ما يفسر المواقف العديدة التي خرجت على لسان المسؤولين السعوديين. هناك من استخدم لغة الشتائم والتخوين، وهناك من أخذ يسأل: لماذا خسرنا الشارع الباكستاني؟ وبناء عليه أخذ يفكر في أسلوب يمكّنه من كسب الشارع الباكستاني، ولهذا جاءت زيارة وزير الأوقاف، وبعده لإمام الحرم المكي د. خالد الغامدي الذي بقي لفترة أسبوعين. في هذه الزيارات التقى المسؤولون السعوديون مع دعاة الطائفة الديوبندية الوهابية ومع القيادات السياسية المتحالفة معها، وأرادوا من خلال ذلك الضغط لتغيير موقف الشارع الباكستاني. وكان هدفهم شراء الذمم لمن يستطيعوا شراءه من القيادات السنية… حتى ان عملاء السعودية كانوا يستغلون خطب الجمعة للتحشيد في حرب “الدفاع عن الحرمين”.

وأضاف الشيرازي ان السعودية لم تترك وسيلة إلا واستخدمها لتحشيد المواقف المؤيدة لعداونها. وقد ركزوا على الإعلام، واستطاعوا شراء الذمم الاعلامية بالمال، لأنهم يدركون أهمية المعركة الاعلامية… وبنفوذهم استطاعوا أن يمنعوا بعض وسائل الاعلام الباكستانية من نشر ما تتناوله صحافة عربية وأجنبية، ما يُنشر هو ما يخدم السياسات السعودية فقط. لكن الشعب الباكستاني مثقف ويعرف كل الأمور، لم ينجر خلف الدعايات الكاذبة.

 

Published by

admin

نافذة إخبارية الكترونية عربية تقدم للقارئ الكريم مادة إخبارية متنوعة, وتهتم بشكل رئيسي بالأحداث المحلية اليومية اليمنية .. بالإضافة للأخبار العربية والدولية..